Tuesday, 22 September 2009

الفضائيون: هل قاموا بزيارة اكاكوس؟

12/07/2009 12:43:33 PM (GMT)

أكاكوس.. جوهرة أثرية تزين الصحراء الليبية

الفضائيون: هل قاموا بزيارة اكاكوس؟

عماد سعد الله: تقع سلسلة جبال اكاكوس في المنطقة المتعارف على تسميتها بالمثلث الليبي الجزائري النيجيري، وهي تمتد من الجزائر غرباً إلى شمال النيجر شرقاً مروراً بالجنوب الليبي، وهذه الجبال تتكون في غالبيتها من صخور بركانية صماء شديدة الصلابة تتخللها أحياناً كثبان رملية.

بقيت هذه المنطقة ولفترة طويلة من الزمن مجهولة للعالم الخارجي وتقتصر زيارتها على بعض البعثات العلمية الأجنبية والمحلية، وهذا يرجع إلى أن المنطقة نائية وبعيدة عن التجمعات السكانية، وتقع ضمن نطاق صحراوي جاف، بالإضافة إلي وعورة الطرق التي تودي إليها.

أما حالياً فقد أصبح الوضع متيسر لزيارتها، ففي ظل دعم الدولة لقطاع السياحة في ليبيا أصبح هناك العديد من الشركات السياحية المتميزة التي تقدم خداماتها للسياح والباحثين الراغبين في سبر أغوار ومعالم هذه المنطقة من الجنوب الليبي، وهذه الشركات توفر كل ماتحتاجه الرحلات الصحراوية من تجهيزات سواءً من سيارات ذات الدفع الرباعي،أو إقامة وتجهيز المخيمات بكل التجهيزات المطلوبة وفي أماكن بعيدة داخل الصحراء، وتعتبر ليبيا مكانا واعدا في مجال السياحة بمختلف أنواعها لاسيما السياحة الصحراوية حيث أن اغلب السياح القادمين إليها لم يسبق وان قدموا لهذه المناطق الصحراوية، رغم أنهم زاروا عدة بلدان مجاورة ولعدة مرات، وبحديثنا إلى أحد الزوار وهو فرنسي الجنسية عن طبيعة زيارته لهذه المنطقة أخبرنا أن ابنته سمعت الكثير عن الصحراء الليبية وخاصة منطقة جبال اكاكوس من خلال شبكة الانترنيت ومن خلال بعض الأصدقاء الذين سبق لهم وان زاروا ليبيا، وبالتالي أٌعجب بفكرة زيارة الصحراء الليبية وخاصة جبال اكاكوس، وقام بإجراء بحث في المكتبة عن هذه المنطقة وقال: " لقد فوجئت لما قرأته عن هذه الجبال وما تتضمنه من نقوش ومعالم تاريخية ترجع في القدم إلى عصر ماقبل التاريخ وكلما قرأت أكثر زاد شوقي إلى زيارة هذه الجبال لأتعرف أكثر علي عادات وتقليد الحضارات التي كانت تستوطن هذه الجبال ومازالت وبالتحديد أتكلم هنا عن قبائل الطوارق".
القادم إلي منطقة اكاكوس منطلقاً من مدينة العوينات، وبمجرد التوغل لنحو ستين كيلومتر في القطاع الأوسط من سلسلة الجبال يفاجئ بصخرةً منتصبةًًًً أمامه يزيد ارتفاعها عن الخمسين متراً على شكل كائن بشري ذو جسم كبير ورأس متوسط الحجم، ولكن من دون أطراف، أطلق عليها سكان الصحراء من الطوارق اسم (أضاد) وهو اسم أمازيغي يعني في العربية الإصبع الكبير، والمتأمل لهذه الصخرة يجدها قطعة فنية غايةً في الجمال قامت بنحتها الريح مستخدمة في ذلك حبات الرمل الصغيرة، ومع الاستمرار في التوغل في مسالك الصحراء والجبال تطل برؤوسها يميناً ويساراً ًيقع نظرك على رسوم نقشت علي جدران بعض الجبال والكهوف يرجع تاريخها إلى عشرة ألاف سنة مضت، وهذه النقوش تجسد الحياة اليومية لسكان هذه المناطق، فبعضها يصور رحلة لصيد حيوانات الماموت والأبقار الوحشية، والبعض الأخر يصور معارك طاحنة نشبت بين سكان تلك المناطق، ومن الجدير بالذكر أنه وفي أحد هذه الكهوف عثرعلى أقدم مومياء محنطة بطريقة نزع الأحشاء، وهي لطفل يبلغ من العمر السنتين والنصف، والمرجح انه اسمر البشرة نظراً لتركيب جمجمته وهذا الاكتشاف يرجع إلى خمسينيات القرن الماضي.

والمعروف عند علماء الآثار والمستحثات أن طريقة التحنيط بنزع الأحشاء هي طريقة استخدمها الفراعنة في مصر القديمة، وبدراسة بعض هؤلاء العلماء لهذه المومياء التي وجدت ملفوفة في قطعة من جلد الغزال، وجدوا أن عمر هذه المومياء يقارب 5500 سنة، أي أنها أقدم مومياء مكتشفة في إفريقيا وأقدم من أي مومياء مكتشفة في مصر بألف سنة، الأمر الذي جعلها مشهورة في الوسط العلمي العالمي، وأطلق عليها اسم (مون هجاج)، ومن يرغب في روية مومياء هذا الطفل فسوف يجده نائماً بسلام داخل مهد زجاجي في متحف السرايا الحمراء بمدينة طرابلس.

إن المتأمل للرسوم الجدارية الموجودة على جدران كهوف وجبال أكاكوس يفاجئه وجود رسومات لانهار ومراعي خصبة وحيوانات كثيرة، مثل الفيلة والجواميس الوحشية والزرافات، وهذه الحيوانات من المعروف عنها أنها تعيش في مناطق تكثر فيها المياه،بعكس ماهو موجود في هذه الأيام فالصحراء خاوية من أوجه الحياة اللهم الابعض النباتات والزواحف الصحراوية الموجودة هنا أوهناك مثل نبات الحنظل أو بعض العظاءات والأفاعي وبالتالي فان بعض علماء الآثار يرجحون فرضية هجرة بعض القبائل التي كانت تسكن في تلك المناطق إلى وادي النيل،عندما أصيبت مناطقهم بجفاف كبير نجم عنه نفوق حيواناتهم وتلف محاصيلهم الزراعية، ومن هنا نقلوا أسلوب تحنيط الموتى معهم إلى وادي النيل وبالتحديد إلي منطقة النوبة الواقعة في جنوب مصر وشمال السودان.

عند الاتجاه غرباً في محاذاة مرتفعات اكاكوس التي تظهر كما لو أنها جزر صغيرة في بحار من الرمال العظيمة يطالعنا اكبر قوس طبيعي في إفريقيا، وهو قوس (افازاجار) منتصباً في وسط الصحراء وكلما تعمقنا داخل الصحراء كلما زادت حيرتنا حتى نصل إلى مرتفعات وكهوف تاسيلي التي تعتبر امتداداً طبيعياً لجبال تدرات اكاكوس والموجودة تحديداً في الحدود الليبية الجزائرية، والرسوم الموجودة في هذه الكهوف تختلف بعض الشئ عن سابقاتها، وقد اختلف العلماء في تفسيرها، فهي تظهر كائنات شبه بشرية تطير في السماء وبعضها يلبس مايشبه الخوذات، وأشكال غريبة تشبه السفن الفضائية، وصور لرجال ونساء يرتدين ملابس تشبه إلي حد كبير ملابس الوقت الحالي، الأمر الذي أربك العلماء، حيث لم يجدوا تفسيراً مقنعاً لذلك، فمنهم من قال إن هذا المكان ربما يكون لقارة اطلنتس المفقودة، ومنهم من قال إن هذه المنطقة ربما تعرضت لغزو في فترة ما من قبل كائنات فضائية.

يذكر إلى أن هذه الكهوف تم اكتشافها في سنة1938 من قبل الرحالة الانكليزي بربيان، وأعيد اكتشافها في سنة 1956 على يد المستكشف وعالم الآثار هنري لوت، واستخدم علماء الآثار مايعرف بالتحليل الذري والكربوني لتحديد عمر هذه الرسومات التي وجدوا أن عمرها يزيد عن العشرين ألف سنة وأطلقوا عليها تسمية لغز تاسيلي الكبير، والمعروف أن في سنة 1973صنفت منظمة الثقافة والعلوم اليونسكو التي تتبع الأمم المتحدة هذه المناطق ضمن الميراث الثقافي الإنساني

No comments: