د. محمود الوحيدي أثينا ـ اليونان الأربعاء, 17 يونيو - الصيف 2009 16:41- صحيفة اويا الإلكترونية
صدر مؤخراً باللغة اليونانية، كتاب يعرض السيرة الذاتية للتاجر الكريتي أندرياس .س. كاتزوراكيس،الذي يطلق عليه بدو الصحراء الليبية أسم " أندريا الصحراء " ، والذين لم يتوانوا عن أعتباره واحداً منهم . شاركهم ولمدة خمسين عاماً، رمال الأفق الطيفيّ ولم يلبث أن صار هذا الأجنبي جزءاً من ذاكرتهم الحضارية . قام بإصدار هذا الكتاب أبنه ستيليوس كاتزوراكيس وهو من وضع عنوان الكتاب" أندريا الصحراء " وكتب مقدمة الكتاب، الكاتب اليوناني خاريس ساكيلاريو .
صحيفة " أليفثيروتيبيا " اليونانية اليومية كتبت حول هذا الموضوع قائلة :} أهتم بهذا اليوناني " الذي عُشق وصار أسطورة " كل من الكاتبة البريطانية " باربارا توي " التي أصدرت عنه كتاباً بعنوان " مجنون في الصحراء " و الأمريكي جورج ويلير الصحافي بصحيفة " شيكاغو ديلي نيوز " ، والصحافي اليوناني الراحل فاسوس تسيمبيداروس ( صحيفة أبويفماتيني) المسائية اليونانية .
ولد أندرياس.س. كاتزوراكيس، في 29/ 2/ 1916 في بلدته فراندزيسكيانا في مقاطعة ريثمنوس ، بجزيرة كريت، والتي غادرها في عام 1929 وعمره لم يناهز الثالثة عشر (13عاماُ) إلى ميناء بنغازي بليبيا، وكانت له مساهمة هامة وفاعلة في الحرب العالمية الثانية في المقاومة ضد الإيطاليين و الألمان . لقد كان رجل مصالحة بالنسبة لأهل البلاد فعندما كانت تنشب بينهم خلافات كان يتوسط بينهم لتسويتها، كان يساعده في ذلك معرفته باللغة المحلية ( لغة أهل البلد) ومعرفته لعاداتهم وتقاليدهم، وكانوا كثيراً ما يدعونه لحل المشاكل التي تستجد . ويتحدث ( أندرياس ) عن المغامرات فيقول : " لقد عشت المغامرة، كما عاشها بعض الناس، لم تكن تتعبني أبداً، فقط كنت أشعر في بعض الأحيان أنني أفتقدها "، وكان لا يفتأ أن يكرر هذا القول مراراً . كانوا يقدرونه لأنه كان صاحب مصداقية حتى الدولة الليبية كانت تثق في مصداقيته، عندما كلفه أمين الدفاع الوطني أبوبكر يونيس بأن يرسم و يحدد الطريق الذي سيوصل الشواطئ الليبية بواحات الصحراء الليبية وحتى الكفرة . أعترف " أندرياس الصحراء " نفسه، بأن الصحراء كانت وطنه الثاني، حيث يقول : " هناك فقط كنت أتنفس وهناك فقط أستمتعت وسعدت بحياتي، كنت مولوداً لأعيش في هذه الصحراء الشاسعة المترامية الأطراف ". قمّة اللحظات في حضارة البدو هي عندما يحين وقت تناول الطعام، يتقيدون وبدقة بمراسم الوليمة، ووقع إيقاعات الطبلة ( الدربوكة) يُسمع لساعات، لقد قبلت عشرات الدعوات لتناول الطعام في كل رحلة كنت أقوم بها " . ويصف في الكتاب الوليمة في البادية، ويتحدث عن مأدبة غداء كان قد دُعي إليها في الكفرة فيقول : " مأدبة الطعام في الكفرة تتم في حجرة كبيرة خالية والتي تستعمل كحجرة الأكل " السفرة " .
المدعوون يخلعون أحذيتهم قبل دخولهم إلى الحجرة، ويتركونها في الخارج، ثم يجلسون على الأرض في شكل دائري ( على شكل دائرة ) ، صاحب الوليمة يُحضر لهم أناء فيه ماء، حيث يغسل الجميع أيديهم فيه، سيدة البيت لا تظهر أبداً، فهي تحضر الأكل في المطبخ، والرجل هو الذي يُحضره للضيوف .عندما يصل الطعام، في أناء كبير وواسع، وبدون وجود شوكات ولا ملاعق، حيث يأكل الجميع بأيديهم، وبعد الانتهاء من الغذاء، يتجشأون، تبياناً لشبعهم ودلالة على أن {الطعام كان طيباً وشهياً، في أشارة إلى استمتاعهم بالوليمة، و امتنانهم من صاحبها . توفي أندرياس كاتزوراكيس في 26/8/ 1983 بعد عودته النهائية إلى اليونان بوقت قصير، وكأنه بموته أراد أن يثبت أن الصحراء الليبية كانت وطنه الثاني كما كان يقول، وأنه فعلاً، لا يستطيع العيش في مكان أخر غيرها، حيث فيها فقط كان يتنفس وفيها فقط استمتع بحياته، وأنه كان مولوداً ليعيش في هذه الصحراء الشاسعة المترامية الأطراف . يقول ستيليوس كاتزوراكيس مؤلف الكتاب عن والده، كان يحب ليبيا وأهلها، خصوصاً بدو الصحراء، الذين يعتبرهم أناس طيبون، يمتازون بالصدق والأمانة والإخلاص، يحسنون معاملة الغريب والأجنبي، وهم كرماء، وكرمهم مفرط لا حدود له، لا يمكن للإنسان وصفه فهو بحق فوق { الوصف ، أنه شيئ يقارب الخيال .
No comments:
Post a Comment