Thursday, 8 October 2009

فنادق مدينة طرابلس القديمة معالم تحاكي‮ ‬التاريخ

فنادق مدينة طرابلس القديمة معالم تحاكي‮ ‬التاريخ

فنادق مدينة طرابلس القديمة

فنادق مدينة طرابلس القديمة


يقصد بكلمة فندق أو خان في‮ ‬مراحل تاريخية سابقة‮ "‬الوكالات التجارية‮" ‬التي‮ ‬كانت أشبه بمحطات لتخزين وتسويق البضائع والسلع القادمة عبر قوافل الصحراء،‮ ‬عن طريق سفن البحر،‮ ‬إلى جانب استقبال وايواء المسافرين والتجار،‮ ‬وتشهد الوكالات النشاط الكبير،‮ ‬ويدب النشاط‮ ‬داخلها أثناء وصول القوافل الصحراوية،‮ ‬أو رسو السفن التجارية،‮ ‬حيث‮ ‬يبدأ نزلاء‮ ‬الفندق من التجار بعرض،‮ ‬وتبادل سلعهم وعقد صفقاتهم‮.‬ للوهلة الأولى قد تبدو فنادق المدينة انجازات عارية من الأهمية من الناحية الجمالية والمعمارية،‮

‬غير أن أفنية‮ ‬الفنادق الطرابلسية‮ ‬تكتسي‮ ‬بنوع من البهجة الأخادة،‮ ‬إذ أن أروقتها الموزعة على طابقين الواحد فوق الآخر تعيد إلى الاذهان رقة،‮ ‬وبهاء أبنية القرن الخامس عشر‮ "‬بتوسكانا‮" ‬وأنه ليس بالشيء القليل،‮ ‬حيث‮ ‬يبرز أمام المتجول بين تلك الإنشاءات المعمارية تصميمات التكوين المعماري،‮ ‬المشتمل على طابقين ذات أروقة معمدة تتوسطها ساحة كبيرة تحيط بها الغرف متعددة الاستعمالات،‮ ‬فنجد أن‮ ‬غرف الطابق الأرضي‮ ‬استعملت كمخازن للسلع،‮ ‬وعرض للبضائع،‮ ‬وأما‮ ‬غرف الطابق الثاني‮ ‬فوظفت كمبيت للنزلاء،‮ ‬واستغلت الافنية لإيواء الحيوانات المرافقة للنزيل،‮ ‬كما زودت الفنادق بأبار للمياه وخزانات مفتوحة‮ "‬جابية‮".‬ وعبر مراحل تاريخية متعاقبة تطور عدد الفنادق في‮ ‬مدينة طرابلس القديمة،‮ ‬لاسيما خلال العهد العثماني‮ ‬والقره مانللي،‮ ‬إلى أن وصل عددها إلى مايقارب‮ ‬50 فندقاً‮ ‬لم‮ ‬يتبق منها سوى‮ ‬16 فندقاً‮ ‬من أهمها فندق الزهر المشيد في‮ ‬عهد الوالي‮ ‬عثمان باشا الساقزلي‮ (‬1649-1672م‮)‬،‮ ‬وينتصب اليوم في‮ ‬نهاية سوق المشير على‮ ‬يمين المغادر لباب عبدالله المقابل لساحة برج الساعة،‮ ‬وقد اشتهر بهذا الاسم في‮ ‬كونه مقر تجارة وتصدير أزهار البرتقال المعدة للتقطير،‮ ‬ومن الناحية المعمارية فإن الفندق‮ ‬يشتمل على طابقين‮ ‬يتوسطهما فناء مستطيل تفتح عليه كل الغرف وتحيط به أروقة بأعمدة حجرية،‮ ‬وعقود مستديرة،‮ ‬وقد سقف الرواق الارضي‮ ‬بقبوات مستطيلة اما الطابق العلوي‮ ‬فقد سقف بألواح من الخشب،‮ ‬أما فندق ميزران الذي‮ ‬سمي‮ ‬نسبة إلى مشيده‮ "‬الحاج رمضان ميزران‮" ‬سنة‮ ‬1881م فيظل إلى‮ ‬يومنا من أبرز المعالم السياحية بالمدينة،‮ ‬حيث‮ ‬يعد المبنى من أجمل فنادق المدينة،‮ ‬ويضم عدد من محلات بيع الصناعات التقليدية والهدايا التذكارية،‮ ‬وورش الصناعات الفضية في‮ ‬الطابق الثاني،‮

‬وتفتح بوابة الفندق المطلة على باب سوق اللفة على فناء جميل‮ ‬يتوسطه حوض مائي‮ ‬وتحيط به أروقة معمدة تتوزع على جنباتها معامل ومحلات بيع الصناعات التقليدية،‮ ‬وعلى الجهة المقابلة على امتداد سوق الصاغة تبرز بوابة فندق القرقني‮ ‬الذي‮ ‬شيده شيخ البلد على القرقني‮ ‬سنة‮ ‬1273 هجري،‮ ‬كما‮ ‬يعرف باسم فندق بن زكري،‮ ‬الذي‮ ‬يضم اليوم ورش لصياغة الذهب والفضة،‮ ‬وفي‮ ‬أحد أركان وسعاية الفنيدقة‮ ‬يبرز فندق الغدامسي‮ ‬نسبة إلى نزلائه من تجار مدينة‮ ‬غدامس،‮ ‬ويضم الفندق اليوم ورش للصناعات الحريرية،‮ ‬وأثناء جولتنا داخل أحد الأزقة المتفرعة من سوق الترك توقفنا أمام‮ ‬فندق حادي‮ ‬الحسان،‮ ‬وأخبرنا صاحب أحد الورش داخل المبنى،‮ ‬إلى أن تاريخ الفندق‮ ‬يعود إلى فترة حكم‮ ‬يوسف باشا القره مانللي،‮ ‬حيث تعود ملكيته إلى‮ (‬حادي‮ ‬الحسان‮)‬،‮ ‬وهو حلاق‮ ‬يوسف باشا،‮ ‬ويختلف الفندق عن باقي‮ ‬فنادق المدينة،‮ ‬في‮ ‬كونه‮ ‬يتكون من طابق واحد‮ ‬يضم فناء متسع المساحة،‮ ‬ويتوسطه حوض ترابي‮ ‬تنمو به النباتات،‮ ‬واستمرت جولتنا بين ثنايا فنادق المدينة إلى أن وصلنا إلى ساحة معمل الرخام،‮ ‬حيث‮ ‬ينتصب فندق بنت السيد،‮ ‬الذي‮ ‬تم توظيفه كمقهى أطلق عليه اسم‮ "‬أورولويس‮" ‬نسبة إلى القوس الروماني‮ ‬الشهير الذي‮ ‬يتوسط الساحة،‮ ‬وكان الفندق من أملاك شيخ البلد محمد السيد،‮ ‬ثم عادت ملكيته لابنته خلال النصف الثاني‮ ‬من القرن الثامن عشر،‮ ‬كما عرف أيضا باسم فندق جنوة لأنه استعمل في‮ ‬مرحلة من تاريخه كمقر لقنصلية جنوة،‮ ‬ويتكون الفندق من طابقين تتوزع على جنباته عدد من الغرف تطل على فناء مفتوح مبلط برخام صقلي‮ ‬أسود وتحيط بالفناء أروقة محمولة على عقود وأعمدة تحمل تيجان بيزنطية جلبت من كنيسة قديمة،‮ ‬وأعيد استعمالها في‮ ‬بناء الفندق،‮ ‬وعلى الجهة المقابلة من الساحة،‮ ‬يطل فندق زميت التاريخي‮ ‬المشيد في‮ ‬سنة‮ ‬1883م،‮ ‬وكان‮ ‬يملكه أحد تجار القوافل‮ ‬يدعى أحمد الضفائري،‮ ‬ثم اشتراه منه كاتبه الخاص ويدعى حسن زميت،‮ ‬وخلال سنة‮ ‬2006 تمت صيانة الفندق وإعادة توظيفه من جديد ليصبح فندق‮ ‬يستقبل نزلاءه،‮ ‬ويحوي‮ ‬الفندق اليوم‮ ‬10 غرف وأربعة أجنحة موزعة على طابقين،‮ ‬زودت بقطع أثاث المصنع‮ ‬يدوياً‮ ‬على الطراز الطرابلسي‮ ‬القديم،‮ ‬ومن أبرز فنادق المدينة توقفنا أمام فندق الجيلاني‮ ‬الذي‮ ‬كان جزءاً‮ ‬من أكبر فنادق المدينة،‮ ‬والمعروف بفندق الباشا المشيد سنة‮ ‬1654م،‮ ‬واستعمل الفندق لإيواء المسافرين والتجار إلى فترة الاحتلال الايطالي،‮ ‬حيث تم تهديمه لإقامة المسرح المعروف باسم‮ "‬البولتيما‮"‬،‮ ‬أو مايعرف بدار عرض النصر،‮ ‬وماتبقى من المبنى القديم استعمل كفندق عرف باسم فندق الجيلاني،‮ ‬وظف اليوم كمقهى شعبي،‮ ‬وتبقى كل تلك المعالم التاريخية شاهداً‮ ‬تاريخياً‮ ‬على عظمة مدينة طرابلس القديمة،‮ ‬ومامدى ازدهارها عمرانياً‮ ‬وثقافياً،‮ ‬وعلى الدور الذي‮ ‬لعبته المدينة في‮ ‬إحياء تجارة القوافل التجارية العابرة للصحراء،‮ ‬ومنها إلى دول العالم،‮ ‬كشريان اقتصادي‮ ‬أسهم في‮ ‬إحياء عدد من المدن على امتداد خطوط تجارة القوافل الصحراوية،‮ ‬من دواخل القارة إلى سواحل المتوسط‮ .‬


No comments: